سورة الدخان - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


{ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)}
{ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ} أي عن ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام وهو هو والجملة عطف على قوله تعالى: و{قَدْ جَاءهُمُ} [الدخان: 13] إلى آخره، وعطفها على قوله سبحانه: {رَبَّنَا} [الدخان: 12] إلخ لأنه على معنى قالوا: ربنا إلخ ليس بذاك، وثم للاستبعاد والتراخي الرتبي وإلا فهم قد تولوا ريثما جاءهم وشاهدوا منه ما شاهدوا مما يوجب الإقبال إليه صلى الله عليه وسلم {وَقَالُواْ} مع ذلك في حقه عليه الصلاة والسلام.
{مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ} أي قالوا تارة: يعلمه عداس غلام رومي لبعض ثقيف وأخرى مجنون أو يقول بعضهم كذا وآخرون كذا ولم يقل ومجنون بالعطف لأن المقصود تعديد فبائحهم وقرأ زر بن حبيش معلم بكسر اللام فمجنون صفة له وكأنهم أرادوا رسول مجنون وحاشاه ثم حاشاه صلى الله عليه وسلم.


{إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)}
{إِنَّا كَاشِفُواْ العذاب قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} جواب من جهته تعالى عن قولهم وأخبار بالعود على تقدير الكشف أي إن كشفنا عنكم العذاب كشفًا قليلًا أو زمانًا قليلًا عدتم والمراد على ما قيل عائدون إلى الكفر؛ وأنت تعلم أن عودهم إليه يقتضي إيمانهم وقد مر أنهم لم يؤمنوا وإنما وعدوا الإيمان فإما أن يكون وعدهم منزلًا منزلة إيمانهم أو المراد عائدون إلى الثبات على الكفر أو على الإقرار والتصريح به وقال قتادة: هذا توعد عاد الآخرة وهو خلاف الظاهر جدًا ومن قال: إن الدخان يوم القيامة قال إن قوله سبحانه: {إِنَّا كَاشِفُواْ} إلى آخره وعد بالكشف على نحو قوله عز وجل: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: 28] ومن قال المراد به ما هو من أشراط الساعة قال بإمكان الكشف وعدم انقطاع التكليف عند ظهوره وإن كان من الأشراط بل جاء في بعض الآثار أنه يمكث أربعين يومًا وليلة فيكشف عنهم فيعودون إلى ما كانوا عليه من الضلال، وحمله على ما روي عن ابن مسعود ظاهر الاستقامة لا قيل فيه ولا قال، وقوله سبحانه: {وَقَدْ جَاءهُمْ} [الدخان: 13] إلخ قوي الملاءمة له وهو بعيد الملاءمة للقول المروى عن الأمير كرم الله تعالى وجهه ومن معه فقد احتيج في تحصيلها إلى جعل الإسناد من باب إسناد حال البعض إلى الكل أو حمل الناس على الكفار الموجودين في ذلك الوقت والأمر على القول بأنه ما كان في فتح مكة أهون إلا أنه مع ذلك ليس كقول ابن مسعود فتأمل.


{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}
{يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى} هو يوم بدر عند ابن مسعود وأخرجه عبد بن حميد. وابن جرير عن أبي بن كعب. ومجاهد. والحسن. وأبي العالية. وسعيد بن جبير. ومحمد بن سيرين. وقتادة. وعطية، وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس.
وأخرج ابن جرير. وعبد بن حميد بسند صحيح عن عكرمة. قال: قال ابن عباس قال ابن مسعود البطشة الكبرى يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم القيامة ونقل في البحر حكاية أنه يوم القيامة عن الحسن. وقتادة أيضًا.
والظرف معمول لما دل عليه قوله تعالى: {إِنَّا مُنتَقِمُونَ} أي إنا ننتقم يوم إذ انا منتقمون، وقيل لمنتقمون ورده الزجاج وغيره بأن ما بعد إن لا يجوز أن يعمل فيما قبلها، وقيل لعائدون على معنى إنكم لعائدون إلى العذاب يوم نبطش.
وقيل بكاشفوا العذاب وليس بشيء وقيل لذكرهم أو اذكر مقدرًا، وقيل هو بدل من {يَوْمَ تَأْتِى} [الدخان: 10] الخ.
وقرىء {نَبْطِشُ} بضم الطاء وقرأ الحسن. وأبو رجاء. وطلحة بخلاف عنه {نَبْطِشُ} بضم النون من باب الأفعال على معنى نحمل الملائكة عليهم السلام على أن يبطشوا بهم أو نمكنهم من ذلك فالمفعول به محذوف للعلم وزيادة التهويل، وجعل البطشة على هذا مفعولًا مطلقًا على طريقة {أنبتكم... نباتًا} [نوح: 17]، وقال ابن جني، وأبو حيان: هي منصوبة بفعل مضمر يدل عليه الظاهر أي يوم نبطش من نبطشه فيبطش البطشة الكبرى، وقال ابن جني: ولك أن تنصبها على أنها مفعول كأنه به قيل: يوم نقوي البطشة الكبرى عليهم ونمكنها منهك كقولك: يوم نسلط القتل عليهم ونوسع الأخذ منهم، وفي القاموس بطش به يبطش ويبطش أخذه بالعنف والسطوة كابطشة والبطش الأخذ الشديد في كل شيء والبأس اه فلا تغفل.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8